المُلحق رقم - 30 -
بسم الله الرحمن الرحيم.
بقلم/ رشاد خليفة.
كان تعدد الزوجات من مُتطلبات الحياة الطبيعية في أول الخليقة وحتى وقت نُزولالقُرءان أي من حوالي أكثر من 1400 سنه. فعندما كانت الأرض حديثه وعددسُكانها محدود للغاية، كان تعدد الزوجات هو الوسيلة الطبيعية لزيادة عدد سُكانالأرض وتعميرها، تنفيذا لخُطة الله سبحانهُ وتعالى.
وحين نُزول القُرءان، كان عدد السُكان قد وصل الى درجة كافيه لتعمير الأرض،وجاء القُرءان بأول قانون سماوي يُحدد حُرية الأشخاص في تعدد الزوجات،والتي كانت قد تُركت بدون قُيود من قبله.
وتعدد الزوجات مسموح به في القُرءان، ولكن تحت ظروف خاصة جداً ومُشدده.وأي سوء استعمال أو استغلال لهذا القانون الإلهي سيؤدى الى عذاب وانتقام من اللهشديد.
ويجب علينا أن نفحص كُل الظروف والمُلابسات بحرص شديد قبل أن نوافقلأي شخص أن يتزوج بأكثر من واحده. ولعل أفضل مثال لنا هو النبي محمد الذيتزوج من زوجة واحده، خديجة، طوال فترة حياته وحتى توفاها الله، وأنجب كُلأطفاله منها ما عدا طفل واحد. وطوال هذه الفترة من زواجهُما والتي تجاوزت الخمسةوالعشرون عاما ، تمتعت السيدة خديجة وأولاد النبي بكُل وقت الأب الكريم واهتمامهالذي لم ينقسم بين أكثر من زوجه، وبين أكثر من بيت. وهذا معناه أن النبي محمدلكُل الأغراض العملية كان متزوجاً من زوجة واحده فقط، من وقت شبابه في الخامسة والعشرين وحتى وقت بلوغه سن الخمسين، وفى خلال الثلاثة عشرالمُتبقية من حياته، كان النبي مُتزوجاً من أرامل أصدقائه الذين تركوا خلفهُم يتامىمُحتاجين لبيت يؤويهُم، وأب يرعاهُم، وهذه هي الحالة الوحيدة التي سمح الله فيهاللرجل أن يتزوج من أكثر من زوجة، كما تُعلمنا سورة النساء أية 3.
وبالإضافة الى زواجه من أرامل أُمهات اليتامى، فإن النبي تزوج في ثلاث حالاتأخرى خاصة جداً، زواجا سياسياً بحتاً. ففي المُجتمع القبلي الذي عاش به النبي،كان زواجه من عائشة وحفصه بنات أصحابه أبو بكر وعمر زواجا سياسياً، ليوطدالعلاقات العائلية المُتوارثة في هذا المُجتمع، بينما كان زواجه من ماريا القبطية والتيأُرسلت إليه كهدية من حاكم مصر حينذاك، فأعتقها من العُبودية وتزوجها، إشارة الىقبول صداقة الحاكم المصري وهديته، وهذه الأسوة الحسنه تُعلمنا أن على الزوجأن يُعطى كُل حُبه وعنايته واهتمامه وإخلاصه لزوجته وأولاده، لكي يُنشأ أسرة سعيدة ومُتماسكة.
والقُرءان يُؤكد لنا في أسلوب قوى وصارم أن تعدد الزوجات مُحدود وليسمفتوحاً بدون شروط وقيود، يقول تعالى في سورة [النساء-4: 3] (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا في الْيَتَمَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَثَ وَرُبَعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَحِدَةًأَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)
ويقول سبحانهُ أيضاً في نفس السورة الآية رقم 129 (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا). ومن الآية يتضح أن القيود والشروط التي وضعها القُرءان قبل السماح بتعدد الزوجات هو إشارة الى أن الله سبحانهُ وتعالى يعلم أن هُناك من الرجال من سيُسيء استعمال هذا القانون الرباني.
لذلك يجب علينا أن نتأكد كُلية من أن القانون الإلهي لتعدد الزوجات، لم يُستغلاستغلالاً سيئاً، قبل الإقدام على الزواج بأكثر من زوجه، وإلا فعلينا أن نكبحرغباتنا، ونغض أبصارنا، ونحفظ فروجنا، ونرضى بزوجة واحده، كما أرادها لناالله سبحانهُ وتعالى. عندئذ سنُعطى كُل اهتمامنا وحبنا لهذه الزوجة وللأطفال، وهذاسيؤدى الى إصلاح الوضع النفسي والاجتماعي لهذه الأطفال وهذه الأسرة. فالأسرةالمُكونة من زوج وزوجه واحده، هي اصح نفسياً واجتماعياً من أسرة مُكونه من زوج وعدة زوجات، وما يأتي معها من مشاكل نفسيه وخلافات ..
وحتى يُمكن تطبيق قانون تعدد الزوجات كما يُقره الله، يجب أن نتأكد أن مثلهذا الزواج سيؤدى الى الآتي:
1. أن يُخفف الآلام والمُعاناة على الأطراف المعنية كُلها، ولن يزيدها على طرف أوآخر.
2. لو أن الزواج كان حديثا، فمن المُؤكد أن مُحاولة الزواج بزوجة أُخرى هو علامة على إساءة استعمال قانون تعدد الزوجات.
3. تطبيق قانون تعدد الزوجات لاستبدال الزوجة الكبيرة في السن بزوجة صغيره في السن، هو من أكبر علامات إساءة استعمال هذا القانون الرباني، كما نقرأفي سورة النساء أية (19).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق