المُلحق رقم - 7 -
بسم الله الرحمن الرحيم.
بقلم/ رشاد خليفة.
نحن نُوجد في هذا العالم بسبب ارتكابُنا جريمة رهيبة عندما كُنا في الملأ الأعلى، وهذه الحياةهي فُرصتُنا لكي نعتق أنُفسنا ، ونُكفر عن جريمتُنا، ونلتحق بمُلك الله سبحانهُ وتعالى.
لقد بدأ الأمر مُنذ بضعة بلايين السنين، عندما نشأ نزاع في الملأ الأعلى (38:69)، عندمااعتقد أحد المخلوقات العالية المكانة – إبليس- اعتقد بغُروره أن القوة التي أعطاها الله لهُ، تُؤهلهُبأن يصبح إله بجانب الله، وبذلك تحدى سُلطة الله المُطلقة. ولم تكُن فكرة الشيطان هذه كُفراًفحسب، بل كانت خطأ أيضاً، فالله وحده، ولا أحد سواه يملك القُدرة والصلاحيات ليكون إلهورب العالمين. ونتيجة لكُفر الشيطان، حدث نزاع وانقسام في الملأ الأعلى، و انقسمت كُلمخلوقات الله إلى أربعة فئات:
1) ملائكة : وهي المخلوقات التي أيدت سُلطة الله المُطلقة .
2) حيوانات: مخلوقات تمردت في البداية ثم قبلت دعوة الله للتوبة.
3) جن : مخلوقات أيدت إبليس بأنه قادر على أن يكون إله .
4) بشر: مخلوقات لم تُحدد موقفُها، وفشلوا في اتخاذ موقف حازم مع سُلطة الله المُطلقة.
اشعياء - 14
13 قَدْ قُلْتَ في قَلْبِكَ: إِنِّي أَرْتَقِي إِلَى السَّمَاءِ وَأَرْفَعُ عَرْشِي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، وَأَجْلِسُ عَلَى جَبَلِ الاجْتِمَاعِ في أَقْصَى الشَّمَالِ 14 أَرْتَقِي فَوْقَ أَعَالِي السَّحَابِ، وَأُصْبِحُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. 15 وَلَكِنَّكَ طُرِحْتَ إِلَى إلهاوِيَةِ، إِلَى أَعْمَاقِ الْجُبِّ.
أنجيل متى - 4
8 ثُمَّ أَخَذَهُ إِبْلِيسُ أَيْضاً إِلَى قِمَّةِ جَبَلٍ عَالٍ جِدّاً، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالَمِ وَعَظَمَتَهَا، 9 وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ هَذِهِ كُلَّهَا إِنْ جَثَوْتَ وَسَجَدْتَ لِي!» 10 فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَاشَيْطَانُ! فَقَدْ كُتِبَ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!
أنجيل لوقا - 4
5 ثُمَّ أَصْعَدَهُ إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ، وَأَرَاهُ مَمَالِكَ الْعَالَمِ كُلَّهَا في لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَنِ، 6 وَقَالَ لَهُ: «أُعْطِيكَ السُّلْطَةَ عَلَى هَذِهِ الْمَمَالِكِ كُلِّهَا وَمَا فِيهَا مِنْ عَظَمَةٍ، فَإِنَّهَا قَدْ سُلِّمَتْ إِلَىَّ وَأَنَا أُعْطِيهَا لِمَنْ أَشَاءُ. 7 فَإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي، تَصِيرُ كُلُّهَالَكَ!» 8 فَرَدَّ عَلَيْهِ يَسُوعُ قَائِلاً: «قَدْ كُتِبَ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ، وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ!»
|
أرحــــم الراحمين.
لقد توقعت الملائكة أن يُعاقب الله المخلوقات التي لم تخضع لسُلطتهُ المُطلقة (2:30)، ولكنالله أرحم الراحمين، قرر أن يمنحنا فُرصة لكي نكفر عن خطئنا، وأخبر الملائكة بأنهُ يعلم مالا يعلمون (2:30). فالله يعلم أن بعض المخلوقات يستحقون فُرصة أُخري لكي يتوبوا.فلو أنك أدعيت القدرة على أن تُحلق طائرة في الهواء، فأفضل وسيلة لاختبار إدعائك، أننُعطيك طائرة ونطلب منك أن تجعلها تطير. هذا بالتحديد ما قرر أن يقوم به الله رداً علىإدعاء إبليس بأنهُ يُمكنهُ أن يكون إله بجانب الله.
خلق الله 7 أكوان واسعة، ثم أخبر الملائكة بأنهُ سيُعين إبليس خليفة (إله) على مكان مثل ذرةغُبار صغيرة في الكون، تسمى " الأرض" (2:30). والحسابات القُرءانية المعنية بتعيين إبليس خليفة (إله مؤقت) على الأرض (36:60) تؤيد ما سبق .
واستدعت خطة الله خلق الموت والحياة (2-67:1)، ثم إحضار البشر والجن إلى هذا العالمليبدءوا حياة جديدة. وبذلك يبدءون الحياة بدون أي تحيُزات، وبُحرية تامة، لكي يختاروابين التسليم بسُلطة الله المُطلقة، أو التسليم بنظرية الشيطان بأنهُ إله آخر.
ولاتخاذ مثل هذا القرار إلهام، فإن كُل إنسان يتلقى رسالة من الله تُؤيد سُلطة الله المُطلقة،وبالمثل يتلقى رسالة من الشيطان تدعوهُ إلي الشرك بالله.
ولكي يعُطينا الله بداية حسنة، فأن أرحم الراحمين حشد البشر كُلهُم أمامهُ، استعدادً لكييُرسلُنا إلى هذا العالم، وأشهدنا أنهُ هو الله الواحد الأحد (7:172). وبالتالي، التسليم و الامتثاللسُلطة الله المُطلقة هي غريزة فطرية، وجزء مُكمل لُكل إنسان.
وبعد أن تم الحُكم بالموت على المُتمردين من المخلوقات (البشر والجن)، وُضعت أرواح البشروالجن في مكان خاص. ثم خلق الله الأجساد المُلائمة لكي يسكُن فيها أرواح الجن والبشر خلالفترة الاختبار. وقد صنع أول جسم للجن من النار، وتُم وضع إبليس في هذا الجسد (15:27) ،وصنع أول جسد بشري من مادة أرضية وهي الطين (15:26)، ووضع الله أول روح بشرية فيهذا الجسد .
واستدعت الخُطة الإلهية أن يخدم الملائكة البشر على الأرض – يحرسوهُم، ويسوقوا الرياحوالمطر إليهم، ويُدبروا مؤنهُم... الخ. هذه الحقيقة منصوصة في القُرءان باستعارة مكنية:
وَإذْ قُلْنَا لِلْمَلَئِكَةِ اسْجُدُوا لِاءدَمَ فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيسَ أبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَفِرِينَ ﴿34﴾
|
وبالطبع رفض إبليس أن يقوم بعمل أي شيء لخدمة الجنس البشري (2:34 – 7:11 – 17:61 – 18:50 – 20:116) .
وبينما ظل جسد آدم على الأرض، استقرت روحهُ في الجنة، في أبعد الأكوان. وقد أعطى الله لآدمأوامر مُعينة مُتمثلة في الشجرة المُحرمة، وعيّن إبليس كقرين لآدم لكي يوصل له رسالتهُالشيطانية. أما الباقي فهو تاريخ.
وفي كُل مرة يُولد إنسان على الأرض، تُخصص روح للمولود الجديد من مستودع الأرواح.ويُخصص الله الأرواح وفقاً لعلمه (28:68). فكُل روح تستحق أن تُخصص لجسد معين،وتعيش تحت ظروف معينة. والله وحده يعلم أي الأرواح تكون طيبة، وأي الأرواح تكونشريرة. فأطفالنا مُخصصون لبيوتنا حسب خطة الله.
وبالمثل هُناك روح جن مُستقلة تُخصص للمولود البشري الجديد، لكي تُمثل وجهة نظرإبليس. وبينما جسد أي جن هو خليفة من أبويه الجان، فإن روحه تكون فردية مستقلة. والجانينحدر أصله من إبليس (7:27 – 18:50). والجن القرين يظل مُلازما للإنسان منذ ولادته وحتىموته، ويخدم كشاهد أساسي في يوم القيامة (50:23). ويظل الجدال مُستمرا في رؤوسنا بينالروح الإنسانية والروح الجنية حتى يقتنعا بوجهة نظر واحدة .
الخطيئة الأولي (الأصلية)
بخلاف الاعتقاد السائد، لم تكن " الخطيئة الأصلية " هي مُخالفة آدم لأمر الله عندما أكل منالشجرة المُحرمة. لكن الخطيئة الأصلية كانت فشلنا للإمتثال لسُلطة الله المُطلقة خلال الخصامالعظيم في الملأ الأعلى (38:69). فإذا استطاع الشخص البشري أن يُقنع قرينه أو قرينته منالجن بالتوبة من هذه الخطيئة، وأن يمتثل لسُلطة الله المُطلقة، فإن كلا المُخلوقين سينعموابرحمة الله الخالدة يوم القيامة. أما إذا أقنع القرين الجني رفيقه الإنسي بالامتثال لوجهة نظرالشيطان الوثنية، فكلا المخلوقان سيُنفوا إلى الأبد من مملكة الله إلي جهنم، خالدين فيها .
ولكي ينشر إبليس وأتباعه وجهة نظرهم، فقد أيدوا تأليه مخلوقات لا حول لها ولا قوة مثلمحمد وعيسى ومريم، والقديسين. وحيث أننا هُنا بسبب نزعتنا للشرك ولتعدد الآلهة، فمُعظمنايقع فريسة سهلة لإبليس.
أما عدم كفاءة وفشل إبليس كإله فقد تم إثباتها بالفعل من خلال الفوضى الشائعة في الأرضوالمرض والحوادث والبؤس، والحرب من خلال سُلطتهُ على الأرض (36:66). و أما البشر الذينيتركون إبليس، ويمتثلوا لسُلطة الله المُطلقة، ويحجموا عن تأليه المخلوقات الضعيفة والميتةمثل محمد وعيسى، فسيرجعوا إلى حماية الله – وسيتمتعوا بحياة مثالية في هذا العالم والى الأبد .
ولأن حياتنا في هذا العالم عبارة عن سلسلة من الاختبارات مُصممة لكي تُظهرموقفنا من الشرك وتعدد الآلهة، فإن الشرك هو الإثم الوحيد الذي لا يغتفر(4:48،116). ولقد صمم هذا العالم تصميماً إلهياً خاصاً لكي يُظهر بوضوحقرارنا بأتباع سُلطة الله المُطلقة أو وجهة النظر الوثنية لإبليس (67: 1-2(. فالليلوالنهار على سبيل المثال: يتغيران باستمرار لاختبار إرادتنا لطاعة أوامر الله، مثل:القيام بصلاة الفجر أو الصوم في أكثر الأيام حرارة أو أطولها. وسوف يكافئ اللهفقط هؤلاء المُقتنعين تماماً بسُلطتهُ المُطلقة (26:89).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق